الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
ففي هذه الحلقة نبين: النتائج المترتبة على مخالفة قاعدة (العمل بمقتضى العلم مطلب أساس في الداعية):
يمكن تلخيص الآثار السلبية المترتبة على عدم العلم، أو عدم العمل بالعلم، أو عدم الموازنة بينهما وبين
أقوال الداعية وسلوكه وتصرفاته:
1 – الوقوع في أخطاء جوهرية وأساسية، بل وربما تكون منهجية تحرف مسار الدعوة إلى غير مقاصدها الشرعية.
2 – التناقض في الدعوة وعدم وضوح منهجيتها؛ لأنها لم تبن على علم شرعي.
3 – عدم الثقة في الداعية أو الدعوة إذا كانت مبنية على جهل أو تناقض.
4 – فشل أو ضعف الثمار المرجوة من الدعوة.
5 – افتتان الناس بهذه الدعوة أو في الداعية نفسه.
6 – تحمل الداعية أو الدعوة أخطاء الناس فيكون ممن سنّ في الإسلام سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيء.
7 – تساقط كثيرين ممن سلك الدعوة لفقدهم ثقتهم فيها.
8 – تشويه صورة هذا الدين الذي يمثله ذاك الجاهل أو تلك الدعوة التي بنيت على غير أسس علمية.
وفي سبيل التأكيد على خطورة هذا التصرف المتناقض يقول أبو العتاهية:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهمًا إذا عبت منهـم أمورًا أنت تأتيها
تعيب دنيا وناسا راغبين لهــا وأنت أشد مـنهم رغبة فـيـها
كالملبس الثوب من عرى وعورته للناس باديـة مـا إن يـواريهـا
وأعظم الإثم بعد الشرك فعلمه في كل نفس عماهـا عن مساويها
عرفناها بعيوب الناس تبصرهـا منهم ولا تبصر العيـب الذي فيها
وبناء على ما سبق نخلص إلى: أن من أهم أسس قبول الدعوة ونجاحها، قيامها وتأسيسها على العلم بكتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو – أي العلم – العاصم بإذن الله تعالى من انحرافها غلوًا أو تقصيرًا، ومن ثمّ العمل بهذا العلم، وصيانة سلوك هذا الداعية بالعبادة لله سبحانه وتعالى فيكون علمه وعمله عبودية لله جل وعلا.
وعليه الداعية الجاهل الذي يدعو بغير علم يظلم نفسه، ويتحمل أخطاء غيره.
والداعية المقصر في العمل يكون قدوة سيئة، وصورة سلبية للدعوة نفسها.
ومن هنا يجب أن تقوم الدعوة، وأن تؤسس، وأن يرعى بناؤها على العلم الشرعي، وأن يكون الدعاة عاملين بعلمهم، قدوات حسنة لما يدعون إليه. كما كان عليه الصلاة والسلام الذي كان خلقه القرآن كما ذكرت ذلك أم المؤمنين عائشة ك. وما فشلت كثير من الدعوات اليوم واضمحلت إلا بأن بنيت على غير علم وتصدر قيادتها غير العلماء، فليعي الدعاة وطلاب العلم عظم الأمر وكبر خطره وأهميته.
وسنبدأ في الحلقة التالية بإذن الله تعالى ببيان: القاعدة الخامسة: فقه المصالح والمفاسد.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.